loader image
Search
Close this search box.

ما الذي يستدعي وجوب دعم الحكومات لنظام تبريد المناطق

لعلنا لا نبالغ القول بأنه في حال تبني طريقة التفكير السلمية وما يصاحبها ذلك من تشريعات، فمن شأن نظام تبريد المناطق توفير العديد من الميزات مقارنةً بنظام التبريد التقليدي السائد في منطقة الخليج. إذ أن هذه التقنية تتمتع بميزات جوهرية بالنسبة للمناطق ذات الكثافة السكانية، وهي مناطق يزداد فيها الطلب على تكييف الهواء. وما يميز نظام تبريد المناطق مقابل أنظمة التبريد التقليدية أنه نظام ناجع التكلفة على المدى الطويل، بالإضافة إلى كونه أكثر فاعلية والأفضل في ترشيد الطاقة، والأقل في تأثيره السلبي على البيئة مقارنًة بالأساليب التقليدية في تكييف الهواء.

فمن شأن النمو السريع في منطقة الخليج أن يجد ضالته في نظام تبريد المناطق لتحقيق وفر هائل في اقتصاد المنطقة فيما يتعلق باستهلاك الطاقة والتكاليف المقترنة بذلك. بيد أن مسألة تدني أسعار الطاقة هنا، تزيد من صعوبة إدراك ميزات نظام تبريد المناطق؛ مؤديةً إلى نشوء اعتقاد بأن نظام تبريد المناطق يعتبر  حلاً عمليًا بالنسبة للمناطق ذات الكثافات العالية فقط.

ولعل نظام تبريد المناطق من ناحية التكاليف الاستثمارية الأولية يبدو بالنسبة للمطورين نظامًا مُكلفًا، وهو ما يؤدي إلى خلل في تقييم ميزات النظام. وعلى الرغم من ذك، يمكن للجهات التشريعية إزالة تلك العقبات من خلال أقررها بأن نظام تبريد المناطق نظام نافع.

ففي حال قيام الجهات التنظيمية بتخصيص مناطق مناسبة ذات كثافة سكانية كافية ليستخدم نظام تبريد المناطق فيها، وقامت بإدراج هذه التقنية في خططها العمرانية، فمن شأن ذلك استبعاد مخاوف المطورين. هذا بالإضافة إلى أنه يتعين وضع ضوابط رسمية للتعرفة لضمان إنصاف المطورين والمستخدم النهائي على حد سواء. وفي ظل هكذا قرارات، من شأن نظام تبريد المناطق التركيز على تحقيق مزيد من الكفاءة في التكلفة واستحداث الحلول الملائمة لدعم احتياجات تلك المناطق من التبريد.

ويُخطأ المطورون إذ يظنون أن نظام تبريد المناطق مجدي اقتصاديًا في المناطق عالية الكثافة فقط. ذلك أن المطورين ينظرون إلى قليل من المنافع التي يحققها النظام دون النظر فيما لو تم الحساب على أساس تكلفة الطاقة الفعلية. ومما يشوب هذا التوجه ويجعله ضعيفاً دفع السكان تعرفة مقابل استهلال الكهرباء أقل مما يدفعون مقابل خدمات تبريد المناطق، كما هو الحال في بعض دول مجلس التعاون الخليجي. وهذا بدروه يؤدي إلى اتخاذ قرارات استثمارية غير فعالة اقتصاديًا.

فالطرق التي يستخدمها المطورون في احتساب تكلفة التبريد على المستخدم النهائي تجعل من نظام تبريد المناطق يبدو وكأنه باهظ الثمن وتجعل من التبريد التقليدي يبدو أكثر جاذبية. وهو ما يؤدي إلى تمرير نظام يوفر المال بالنسبة للمستخدم؛ إلا أنه في الواقع باهظ الثمن نتيجة اختلاف أسلوب احتساب استرداد التكاليف. 

وبالتالي، يجب على الحكومات وضع هيكل تعرفة على المستوى الوطني متوافق مع نظام تبريد المناطق وتحديد رسوم المخصصات الأولية والرسوم المتكررة ورسوم الاستهلاك بالنسبة للمطورين ومالكي العقارات والمستأجرين. كما يتعين على الحكومات أن تفرض استخدام سياسات التسعير تلك بشكل منتظم في كافة المشاريع، حيث يجب أن تحمي تلك السياسات مالكي العقارات الأفراد والمستأجرين. كما يجب أن تسعى هذه السياسات إلى التوفيق فيما بين الرسوم التي يدفعها المستخدمون في مقابل استهلاكهم للتبريد بشكل فعلي .

علماً بأن نظام تبريد المناطق يوفر للمنطقة الكثير من الميزات من حيث الخطط الموضوعة لديمومة مستقبلها العمراني. كما أن هذه التقنية تتمتع بمزايا إيجابية من ناحية البيئية وتبعث على الراحة وذات فعالية في التشغيل ومن حيث التكلفة مقارنة بأنظمة التبريد الأخرى.

ومع ذلك، من الضروري قيام الحكومات باتخاذ إجراءات حاسمة لجني المكاسب من نظام تبريد المناطق وضمان تساوي المنافع الاقتصادية من المطور الرئيسي، وصولاً إلى المستخدم النهائي تراتبياً. فالآفاق المستقبلية لهذا النظام على المدى الطويل وقدرته في توفير الطاقة هما الضابط الوحيد الذي من شأنه أن يستدعي انخراط الحكومات في الحيلولة دون إجحاف هذه التكنولوجيا الهامة حقها في الاستخدام أقل مما يجب في ظل ما تحققه المنطقة من نمو في اقتصادها. ومن خلال تعامل الحكومات مع نظام تبريد المناطق باعتباره خدمة نافعة، فهذا يعني دمج النظام في التخطيط العمراني ليعلب دوراً فعالاً في المستقبل وبذا تفسح الحكومات المجال لهذه التقنية لأداء دورها في تنمية المنطقة.