loader image
Search
Close this search box.

تبريد المناطق ليس ترفاً وإنما ضرورة

مهند رافـع خـضر

مدير شؤون تطوير الأعمال

هل تساءلت يوماً كيف ستبدو مدينة مثل الدوحة إذا كان لكل مبنى مولّد ديزل خاص به لإنتاج الكهرباء؟  تخيل سحابة رمادية سميكة تحوم فوق المدينة وتخفي ضوء النهار وتتسبب بانبعاثات كثيفة لثاني أكسيد الكربون تصل إلى أعلى المعدلات ناهيك عن تشوّه صورة المباني وتحمّل النفقات الهائلة المرتبطة بتشغيل هذه المولّدات، وصيانتها، واستبدالها. إن أهمية شركات توزيع الطاقة واضحة وضرورية خاصة بالنسبة للمطوّرين العقاريين في مرحلة التخطيط، فمن دون هذه الشركات، ستكون هناك تهديدات بيئية تنعكس سلباً على اقتصاد البلاد.

تدرك الحكومات أهمية تمركز توليد الطاقة الكهربائية وتوزيعها، الأمر الذي ينتج عنه تخفيض الرسوم المتعلقة بها مما يساعد المطورين العقاريين والمستخدمين النهائيين على تحمّل رسوم هذه الخدمات. فالمطورين ليسوا مطالبين فقط باستخدام الطاقة الكهربائية من المحطات، وإنما هم مطالبون بتقليص الطلب عليها والحد من العبء على المحطات الفرعية، وبالتالي تحسين استخدام الموارد الطبيعية القيّمة. إن الأبحاث حول قابلية تطبيق حلول الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح قد خضعت لعدة تجارب، إلا أن تبريد المناطق بقي على الهامش للنظر فيه. لا شكّ أن أحد الوسائل المهمة لتقليل الطلب على الطاقة الكهربائية في المدينة هو استخدام تبريد المناطق عن طريق توليد المياه المبرّدة لخدمات تكييف الهواء. إن نظام تبريد المناطق يتطوّر بسرعة في المنطقة وهو يمرّ بنفس مراحل تطوّر الطاقة الكهربائية، وفي يوم ما، سيطرح أحد الأشخاص سؤالاً مماثلاً للطاقة الكهربائية؛ برأيك، كيف ستبدو مدينة مثل الدوحة إذا كان لكل مبنى وحدة تبريد خاصة به؟

من الجدير تحليل بيانات التشغيل الفعلية لعمليات نظام تبريد المناطق لتحديد استهلاك طاقة التبريد، من خلال قياس استهلاك الطاقة الكهربائية واستهلاك المياه اللازمتين لعمليات تبريد المناطق. وستعكس البيانات استهلاك الطاقة للمبنى الذي يستخدم تبريد المناطق مقابل المبنى الذي يستخدم التبريد التقليدي. ومن شأن مراجعة هذه البيانات أن تفيد قرار الحكومة بشأن ما إذا كان تبريد المناطق هو أفضل وسيلة لتكييف الهواء من خلال استدامة البلاد والنمو الاقتصادي والحفاظ على الطاقة الكهربائية.

إذا تم استخدام التبريد التقليدي لإنتاج 3 مليارات طن تبريد، وهي طاقة التبريد التي أنتجتها قطر كوول على مدى الاثني عشرعاما الماضية، فإن ذلك سيكلف الحكومة 220 مليون ريال قطري وهذا يعادل إنبعاث مليار كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون أي ما يماثل وضع 210,000 سيارة على الطرقات، وفي هذه الحال ستكون بحاجة إلى 16 مليون شجرة  للتعويض عن الانبعاثات الكربونية الناتجة عن التبريد التقليدي.

إن ما تم اعتباره في العام 2003 على أنه نظريات عندما تمت مباشرة أعمال تبريد المناطق في الدوحة، يمكن قياسه الآن مقابل البيانات الفعلية التي ستساعد صنّاع القرار على تكوين رأي دقيق حول قابلية تطبيق تبريد المناطق في مناخ مثل مناخ قطر. نحن واثقون من أن الأرقام تصب في صالح الحكومة والمخططين المدنيين وخبراء البيئة والاقتصاد والمستخدمين النهائيين. إن تبريد المناطق يستحق الدعم من جميع الأطراف. ومع مشروع القانون المعتمد الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا والذي ينظم أعمال وخدمات تبريد المناطق، قد يكون لتبريد المناطق فرصة مناسبة ليصبح مقررا لبعض المشاريع مما يضمن تطبيق التكنولوجيا المستدامة وحماية قطر.