loader image
Search
Close this search box.

تبريد المناطق ... خدمة تعتمد على التواصل البنّاء

مهند رافـع خـضر

مدير شؤون تطوير الأعمال

“لماذا يتعين علينا أن ندفع مقابل شيء لم نستخدمه؟” هذا هو السؤال الذي طالما طرحه العملاء على شركات تبريد المناطق، وغالباً ما يثار هذا السؤال في فصل الشتاء عندما يعمد معظم المستخدمين النهائيين إلى عدم تشغيل أجهزة التكييف ومع ذلك عليهم أن يدفعوا مقابل الرسوم الشهرية الثابتة والتي تسمى رسوم  كمية التبريد.

لا  تصل الإجابة على هذا السؤال المتكرر إلى العملاء على الوجه الأمثل… لماذا؟ نقص الوعي والتواصل يلعب دوراً هاماً في هذا الصدد. عندما يعمد مالك البناية أو المطور العقاري إلى إبرام اتفاقية خدمة التبريد مع مزودي خدمات تبريد المناطق وذلك لتوصيل الخدمة، يتم توضيح الالتزامات والحقوق المالية المفروضة على جميع الأطراف المعنية ويشمل ذلك العميل أو المستخدم النهائي حيال مزود خدمة تبريد المناطق. عندما يتم بيع أو تأجير الوحدات إلى العملاء، غالباً لا يتم توضيح الالتزامات والحقوق المالية المفروضة عليهم بالصورة الواضحة والصحيحة من قبل المالك أو المطور العقاري، وهذا يفضي إلى فهم خاطئ ومغلوط وغالباً ما يصاب العملاء بالدهشة والذهول حيال مطالبات مزود خدمات التبريد المفروضة  عليهم  فيما يتعلق بهذه الرسوم.

غالباً ما تحدث الفجوة في التواصل في هذه المرحلة الأولية، أي أنه على مالك البناية أو المطور العقاري أن يخطر العميل أو المستخدم النهائي بجميع الالتزامات والحقوق المالية المفروضة عليه قبل أن يتم بيع أو تأجير الوحدة، ويجب أن يعي العميل جيداً ما هي الالتزامات المفروضة عليه بما في ذلك وليس حصراً رسوم كمية التبريد، بحيث يتم توضيح أي غموض أو سوء فهم أو مفاهيم خاطئة حيال رسوم كمية التبريد الشهرية من قبل مزود خدمة التبريد عند توقيع العقد.

لسوء الحظ، تنشأ فجوة التواصل هذه بسبب عدم قيام المالك أو المطور العقاري بإخطار العميل بالالتزامات المادية، وهو الأمر الذي يلقي بظلال سلبية على مميزات خدمة تبريد المناطق، حيث يستغرق مزود الخدمة وقتاً في تفسير ماهية الرسوم للعملاء بدلاً من إظهار منافع وما يميز نظام تبريد المناطق على أنظمة التكييف التقليدية، مما يؤدي إلى عدم معرفة العميل بمميزات وأفضلية أنظمة تبريد المناطق. في حال عمد مالك البناية أو المطور العقاري إلى إيضاح الأمر فإنه من المحتمل أن يفضي ذلك إلى دعم تلك الخدمة وتعزيز المعرفة الصحيحة بالنظام وكذلك بالمميزات التي يجنيها العملاء من هذه الخدمة المتميزة مقارنة بأنظمة التكييف التقليدية.     

بعض مساوىء نظام التكييف التقليدي تكمن في الكلفة الرأسمالية الأولية للبناية والتي تكون عالية جدا” نتيجة لتركيب وسائل التبريد والمحولات ووصلات إمدادات الطاقة الإضافية، علاوة على هامش أرباح المقاولين. أثناء عمليات التشغيل تكون هناك كلفة أعلى على مالك البناية والعميل بسبب النطاق الأوسع للعمل وزيادة تكاليف إمدادات الطاقة الكهربائية التي تضيف نسبة 60% بسبب وسائل التكييف التقليدية، في حين أن هذه المسائل والمشكلات يتم التغلب عليها والقضاء عليها تماماً عن طريق خدمة تبريد المناطق.

لا يعاني العملاء الذين يقطنون في الأبراج التي تستخدم أنظمة تبريد المناطق من المشكلات المتعلقة بالضجيج أو الاهتزازات، حيث أنهم يتمتعون بمساحات أوسع وذلك لعدم وجود مكيفات أو أنظمة التبريد التقليدية بالبناية، كما يتوافر لديهم المساحات الكافية لإيقاف السيارات علاوة على المنافع التي يتم توفيرها في أسطح البنايات، إضافة إلى المنافع البيئية لخدمة تبريد المناطق. وفقاً لدراستنا، تنخفض تكاليف تشغيل البناية المستخدمة لنظام تبريد المناطق بنسبة 30% على مدار 20 سنة.

تعدّ خدمة تبريد المناطق مماثلة لخدمات المنافع الأخرى التي يتم توصيلها بالبنايات وتفرض عليها رسوم الاستهلاك التقليدية أو رسوم السعة الثابتة مثل إمدادات الكهرباء والمياه، حيث أن الفرق بين الخدمتين هو أن الرسوم الثابتة في الطاقة والمياه يتم دعمها من قبل الحكومة ولذلك فإن المستخدم النهائي يدفع فقط مقابل الاستهلاك ورسوم التوصيل.

إن مزودي خدمات تبريد المناطق مثل الشركة القطرية لتبريد المناطق (قطر كوول) والتي تتمتع بخبرة قوامها 12 سنة تعمد إلى توثيق فوائد ومزايا تبريد المناطق مقارنة بوسائل التكييف التقليدية. إن التوفير في الموارد الطبيعية وإمدادات الطاقة وتكاليف البنية التحتية وكذلك خفض معدلات انبعاث الغازات الكربونية تعد إحدى مميزات هذه الخدمة حيث أن البيانات المحصلة توضح بجلاء للحكومة أهمية هذه التقنية التي تلائم المجتمع وتحقق مجتمع صديق للبيئة. إن النتيجة المرجوة لمثل هذه الدراسات غايتها تأمين الدعم لتكاليف تبريد المناطق وذلك لتعزيز وترويج هذه الخدمة بناءً على المميزات ودحض المفاهيم المغلوطة.

في مناخ مماثل لمناخ دولة قطر، تعد خدمة تبريد المناطق من الوسائل الناجعة للحكومة وكذلك لشركات التطوير العقاري والمستخدم النهائي. يتعين ضمان الفهم الموضوعي لخدمة تبريد المناطق من جميع الأطراف ذات الصلة. إن المزايا الكثيرة وعامل استدامة النظام يضمن تحقيق الغاية المرجوة. غالباً ما تقارن  خدمة تبريد المناطق بشكل خاطئ بوسائل التكييف التقليدية، فليس من المعقول أن نقارن بناية قائمة في وسط المدينة ذات أربع طوابق ببرج يضم خمسين طابقاً في منطقة الخليج الغربي.

من الأمور الملحة والواجبة لضمان مستقبل خدمة تبريد المناطق عند تصميم المدن، مثل اللؤلؤة-قطر ولوسيل ومدينة مشيرب، أن يتم تشكيل لجنة تناط بها وضع خطة تواصل شفافة وواضحة لتعمل على توزيع ونشر جميع المعلومات المتعلقة بخدمات المنافع مثل خدمة تبريد المناطق، مع المطورين من الباطن أو العملاء قبل ان يعمد هؤلاء إلى شراء الأرض أو الوحدات العقارية.

لا يمكننا بل ويتوجب علينا عدم الارتكان على العملاء الكرام وذلك لكي يسعوا للحصول على معلومات أساسية أو يقرؤوا المنشورات أو المطبوعات. فهي مسئولية منوطة بمالك الوحدة العقارية أو المطور العقاري للتواصل مع المستخدمين النهائيين وتقديم معلومات واضحة إليهم، كما أنه لزاماً على مزودي خدمة تبريد المناطق توضيح ودعم مثل هذه المعلومات التي يتم مشاركتها بين الاطراف المعنية. إن نقص عاملي الشفافية والتواصل يفضي إلى وصول معلومات مغلوطة إلي العميل / المستخدم النهائي، الأمر الذي ينتج عنه في النهاية تأثير سلبي على العلاقة القائمة بين جميع أصحاب المصالح والأطراف المعنية ذات الصلة.