loader image
Search
Close this search box.

المخاطر التشغيلية في الشركات ..بين الاستعداد لها و توقع حدوثها

نهار صالح المطاوعة

رئيس قسم العمليات والخدمات

هنالك عبارة تقول: ” بداخل كل صعوبة تواجهها تكمن فرصة أو فائدة متساوية أو أكبر”. انطلاقاً من هنا، يمكن تطبيق النظرية نفسها على دراسة تقييم المخاطر في المؤسسات. فهناك العديد منها يتعامل مع الحالات الطوارىء و كأنها عمل روتيني يمكن حصره ضمن نطاق العمل اليومي الاعتيادي. إلا أن هذا الأمر غير واقعي وغير عملي. فنادراً ما تتصرف المؤسسة في حالة الطوارىء بطريقة مضبوطة ومحددة، كما أنها – أي حالات الطوارئ، عادة ما تكون متعددة السيناريوهات مما لا يمكن من الإعداد لها مسبقاً. مع عدم الأخذ في الاعتبار الآثار المضاعفة المترتبة على المؤسسة وأصحاب المصالح الخارجيين نتيجة لذلك. 

و عند الحديث عن حالات الطوارئ قي العمليات الصناعية ، فمن المنطق أن تدور مسؤولية الاستجابة في فلك فريق العمليات  التشغيلية. ومع ذلك، فإن نطاق ذلك الفلك يتسع ليشمل جهات متعددة قد تتجاوز الحدود المؤسسية على حسب الحالة. هذا الأمر ليس واضحاً دائماً في المؤسسة، إذ أن معظم الفرق تركز على مجال خبراتها في حين أن التنسيق بين مختلف الجهات و في الظروف الطارئة هو مهارة بحد ذاته . و لنأخذ مثلا على ذلك في مجال تبريد المناطق ، في حال حدوث تسرّب في شبكة توزيع الأنابيب التي تعدّ أحد العناصر الرئيسية في نظام تبريد المناطق، يتحمل فريق العمليات المسؤولية ويعالج المشكلة. إلا أنه لن يرى بالضرورة الآثار القانونية المصاحبة لهذه الحالة ولن يدرك تأثيرها على سمعة المؤسسة وعملائها. ولهذا السبب، من الضروري أن يكون لدى المؤسسة فهم شامل لكافة الآثار المترتبة على حالات الطوارىء لتجنب أي أضرار أو تكاليف غير متوقعة.

إذن كيف يمكن للمؤسسة الاستعداد للأسوأ وافتراض ما هو غير متوقع؟ قد يكون أفضل مكان للبدء منه هو تحديد المخاطر والآثار المرتبطة بها. فمعظم المؤسسات تدرك المخاطر الرئيسية التي قد تحدث، وهذا الأمر قد يساعدها في تحديد التشعبات العديدة للمخاطر، والجهات المتضررة، والنتائج المحتملة. ومن الأهمية بمكان، في مرحلة تحديد المخاطر، إشراك جميع أقسام المؤسسة إذ سيساعد ذلك في تحديد المخاطر المرتبطة بمجال خبرتهم وإلقاء الضوء على العوامل ذات الصلة، الأمر الذي ينتج عنه تطبيق اجراءات مفصلة لإدارة المخاطر.

بعد تحديد كافة المخاطر المحتملة، يمكن تحديد مدى تعقيد وأثر الحالة المعينة. فقد تكون لبعض المخاطر أثراً بسيطاً على المؤسسة في حين قد ينتج عن أخرى مخاطر كبيرة قد تؤثر على عمل المؤسسة ووجودها. في مرحلة تحديد المخاطر، سيكون من الضروري أن تضع الإدارة سقوفاً للآثار المسموح بها أي المستوى الذي يمكن أن تتأثر عنده المؤسسة من دون أن تتعرض لأضرار على الصعيد التجاري أو على صعيد عملائها. إن وضع الترتيبات المحددة لمدى تأثير المخاطر ستكون بمثابة أداة عمليّة لتحديد السقف الخاص بالآثار المسموح بها والخطوات الواجب اتخاذها للحد منها، في حين وضع خارطة طريق لتحديد أساليب الرقابة والسيطرة على المخاطر.

قد يبدو تحديد المخاطر ووضع الترتيبات الخاصة حلاً منطقياً، فتجتمع معظم فرق الإدارة، وتجمع أفكارها وتسجّل ما تعتقد أنها مخاطر محتملة على المؤسسة، قبل توزيعها على الإدارات المعنية. ولكن، لا يمكن لخطط الحد من المخاطر والرقابة أن تتحقق من دون إشراك أشخاص على أرض الواقع  لديهم الخبرة الأكبر في مجالاتهم. إن المخاطر المتأصلة لا يمكن تحديدها بسهولة في جلسة تجميع الأفكار وإنما عن طريق استشارة الفرق على أرض الواقع و كذلك التدريب العملي على كيفية المواجهة.

لا شك أن إدارة المخاطر هي مسؤولية على نطاق المؤسسة ككل، ويشكل الإعداد الجيّد لها وإجراء البحوث الخاصة بها عنصرين أساسيين فيها، ولكن الأهمية الكبرى تكمن في وضع نهج استباقي للمخاطر بدلاً من نهج يعتمد على ردة الفعل، وهو ما سيحدّد كيف ستتصرف المؤسسة في حالات الطوارىء.