loader image
Search
Close this search box.

الاستفادة من مياه الصرف المعالجة أمر ممكن جدا و لكن..

نهار صالح المطاوعة

رئيس قسم العمليات والخدمات

يتصدر استثمار الموارد غير المستغلة كمياه الصرف المعالجة في أيامنا هذه الواجهة تزامنا مع الاتجاهات المتعلقة بتضمين المعايير الترشيدية في المشاريع الحديثة في المنطقة . لكن لماذا الآن ؟ وماذا يحدث للقطاعات الصناعية المناط بها مهمة استغلال مياه الصرف المعالجة ضمن عملياتها الحالية؟

إننا جميعاً ملمون بالحاجة الماسة للحفاظ على الموارد الطبيعية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.  تطال المشكلة الشركة القطرية لتبريد المناطق (قطر كوول)، بصفتها مزودة لخدمات تبريد المناطق، من حيث التحديات التي تجابه الشركة من أجل الحفاظ على الموارد المائية حيث تأتي الإمدادات الأساسية للمياه المستخدمة لغايات تبريد المناطق من مياه صالحة للشرب أو من خلال محطات تحلية مياه البحر. والأسئلة الأكثر إلحاحا في هذا المقام تثار على النحو التالي، هل تعد مياه الصرف المعالجة مصدرا بديلا يمكن الاستفادة منه واستغلاله في مجال تبريد المناطق؟ ، وهل بوسع محطات التبريد القائمة حالياً عمل اللازم بنجاح لتحويل  مياه الصرف المعالجة لهذه الغايات؟ فضلاً عن ذلك، هل تكفي كميات مياه الصرف المعالجة لتحقيق استدامة هذه الغاية؟

ما زالت قطر كوول تمضي بخطى متسارعة في مسيرتها منذ عام 2012 عندما تم الإعلان عن لائحة التحول بمحطات تبريد المناطق من مياه صالحة للشرب إلى مياه الصرف المعالجة كبديل عنها. كانت قطر كوول  الشركة الأولى في دولة قطر التي قبلت التحدي حيث قامت بتحويل محطتي التبريد الحاليتين الواقعتين في منطقة الخليج الغربي إلى محطات تستخدم فيها مياه الصرف المعالجة.

وقد مرت عدة سنوات من الابحاث  الدقيقة لإضفاء التعديلات المتواصلة وأخيراً التنفيذ.  تفتخر قطر كوول بتحويل محطتي تبريد للتشغيل الكامل و بنسبة 100 % من مياه الصرف المعالجة منذ شهر يوليو عام 2017.

لقد بدأ الأمر بمثابة خطوة مجهولة العواقب ، حيث لم يكن من المعلوم كيفية تأثير مياه الصرف المعالجة على التقنية الخاصة بنا وكيف سيتسنى لنا تحقيق عوامل دمجها وتكاملها مع الوظائف الحالية للنظام.  – الأمر الذي يوعز بإنهاء السعي للمضي قدما منذ البداية. إلا اننا قمنا بعمل الدراسات التفصيلية المضنية من أجل التوصل إلى طريقة تخفف من أثر المخاطر و بشكل تدريجي تمكنا من تحديد المعايير المناسبة لتقنية التبريد و التوصل إلى آلية  للتعامل مع الظروف الطارئة.  و كان في خلاصة الخبرة في عملية الانتقال لمياه الصرف المعالجة   أكبر الأثر على معايير الصيانة و دورة استغلال المياه. لقد لعب توافر مياه الصرف المعالجة والأهم من ذلك معايير جودة شبكة مياه الصرف دوراً رئيسياً في مرحلة البحوث.

التحديات:

من أجل فعالية أي نظام يستخدم مياه الصرف المعالجة في عمليات التشغيل المنوطة به ، يتعين أن تبنى منشآت إضافية يتسنى من خلالها استغلال مياه الصرف المعالجة في تشغيل النظام. وجاءت محطة التحلية التي تعمل بتقنية التناضح العكسي  كأفضل الحلول البيئية وهو ما يطلق عليه مسمى  الاستخدام الضمني لمياه الصرف المعالجة ، و هو حل ملائم في حال تم أخذه في الحسبان منذ بداية فترة التصاميم للأنظمة وليس لإقحامه على أنظمة القائمة فعليا كما في محطات التبريد المعنية بهذا المقال. ذلك أن مثل هذه الحلول بحاجة إلى تخصيص مساحة لإدخال الكثير من التعديلات إضافة إلى زيادة في الطاقة المشغلة للأجهزة المضافة كما أن تراكيز مخرجات العمليات المشغلة بمثل هذه الحلول تتطلب إعدادات في شبكة الصرف ملائمة. تبنت قطر كوول منهج استغلال مياه الصرف المعالجة بصورة مباشرة حيث تُضخ مباشرة داخل النظام للتغلب على الحاجة إلى استخدام محطات التحلية التي تعمل بتقنية التناضح العكسي، وبالتالي، يفضي ذلك إلى تقليل عوائق مرحلة التنفيذ. و تفاديا لحدوث أي أضرار بالمعدات فقد تم تقليل إعادة تدوير مياه الصرف المعالجة أثناء التشغيل إلى حوالي دورتين في حين كانت تصل إلى تسع دورات مما يعني زيادة معدلات الصرف للمياه المعالجة عنها في حالة المياه الصالحة للشرب. و قد سمحت عملية التغير التدريجي التي تمثلت في التحول إلى استخدام مياه الصرف المعالجة بالرقابة عن كثب وقياس أثر مياه الصرف وفي ذات الوقت اكتشاف أي مخاطر محتملة خلال العملية، وبناء عليه، العمل على تصحيحها على الفور.

لقد حققنا النجاح الكامل في تغيير الأنظمة بالكامل بشكل فعال ، و يتعين الآن اتخاذ خطوات جديدة لضمان تحقيق أقل تأثير قدر الإمكان. وفي سياق هذه العملية، شاركنا كيانات وهيئات رئيسية متعددة في المجال الأكاديمي العلمي و المجال التطبيقي لتقديم خبراتها لضمان اتخاذ التدابير الصحيحة في المراحل المستقبلية.

بعد تبني استراتيجية تفصيلية دقيقة، توصلنا إلى المعرفة والخبرة وحتى تاريخه، قمنا بتوفير حوالي مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب في محطتي التبريد ما يعادل تشغيل 1500 فيلا متوسطة الحجم لمدة سنتين تقريباً

إننا مستمرون في التعاون عن كثب مع شركائنا فيما يتعلق بتحسين الأنظمة والأثر البيئي علينا، وفي الوقت الحالي، تقوم شركة قطر للطاقة ومعهد قطر لبحوث البيئة والطاقة بدراسة دورة التكثيف لغايات تطوير الحلول لزيادة دورة تكثيف مياه الصرف المعالجة، ومن ثم توفير المزيد من الطاقة.

لقد أصبحت خيارات تبريد المناطق بمثابة الحل العملي المستدام. وحالياً، ومع توافر القدرة على الاستفادة من مياه الصرف بوصفها مورد من الموارد الطبيعية الهامة، يرسخ ذلك أيضاً مزايا النظام مقارنة” بالطرق التقليدية. ويحظى نظام تبريد المناطق بمستقبل إيجابي مشرق في المنطقة، والذي نتطلع إلى أن نغدو جزءً لا يتجزأ منه.